مشجّع أهلاوي كفيف يشاهد مباريات كأس العالم للأندية في الاستاد
لم تمنع الإعاقة البصرية إكرامي أحمد، مشجع النادي الأهلي المصري، من دعم ومؤازرة فريقه وسط الآلاف من مشجعي بطل أفريقيا في استاد المدينة التعليمية خلال منافسات كأس العالم للأندية، التي تستضيفها قطر للمرة الثانية على التوالي.
يصف إكرامي أحمد، الذي ولِد كفيفاً، نفسه بالأهلاوي منذ الطفولة، وقد نشأ في محافظة المنوفية إلى الشمال من العاصمة المصرية القاهرة، في فترة شهد خلالها النادي عصره الذهبي، وضم بين صفوفه عدداً من ألمع نجوم كرة القدم من بينهم محمد أبو تريكة، أسطورة أفريقيا، وأحد أفضل اللاعبين في تاريخ القارة، وحصد النادي آنذاك مجموعة كبيرة من الألقاب، ومن بينها عدد من ألقاب دوري أبطال أفريقيا.
يقيم إكرامي البالغ من العمر 31 عاماً في الدوحة، وهو متزوج وأب لطفلين، ويعمل مشرفاً للبرامج في مركز قطر الاجتماعي والثقافي للمكفوفين. ولم تقف الإعاقة البصرية حاجزاً أمام شغفه بكرة القدم، الذي رافقه طوال حياته وجعل منه عاشقاً لهذه لرياضة على مر السنين، مستعيناً بصديق أو أحد أفراد العائلة لنقل مجريات المباريات للاستمتاع بالرياضة الأكثر شعبية في العالم، ومن ثم تولت زوجته إيمان مهمة وصف ما يجري على المستطيل الأخضر، فهي المرافق الشخصي والمعلق الرياضي الخاص به، والتي تنقل له صورة حيّة مفصلة لأحداث المباراة.
يقول إكرامي، وهو يشق طريقه بمساعدة زوجته إلى استاد المدينة التعليمية لحضور مباراة الأهلي أمام الدحيل في بطولة كأس العالم للأندية FIFA قطر 2020 ™، إن كثيراً من الأشخاص يعبرون عن دهشتهم واستغرابهم؛ كيف لشخص كفيف أن يهتم برياضة كرة القدم دون أن يرى الاستاد واللاعبين؟!
ويرد إكرامي: “نعم يمكن لشخص كفيف الاستمتاع بحضور مباراة كرة قدم مثل شخص مبصر على حد سواء. ما لا يعرفه البعض أن للكفيف عالمه الخاص، ولديه مهارة فريدة في تسخير الحواس الأخرى لرسم صورة نابضة بالحياة في مخيلته، ما يجعله قادراً على قضاء وقت ممتع مليء بالحماس والتفاعل مع اللعبة، ولهذا السبب نجد الكثير من المشجعين من ذوي الإعاقة البصرية متحمسين لرياضة كرة القدم.”
لم يسبق لإكرامي حضور مباراة للنادي الأهلي في الاستاد قبل مونديال الأندية بالدوحة، وقد كان يكتفي بمتابعة مباريات الفريق عبر شاشة التلفزيون، كما تابع الكثير من المباريات ومن بينها منافسات النسخة السابقة من مونديال الأندية التي أقيمت أيضاً في قطر، وكذلك مباريات كأس العالم روسيا 2018.
وكما هو حال ملايين المشجعين المكفوفين حول العالم؛ يعتمد إكرامي على شخص آخر لوصف أحداث المباراة، بدءاً من تشكيلة الفريقين والتكتيكات المتبعة لكل منهما، وانتهاءً بوصف الملعب والمدرجات وحتى اللافتات في أرجاء الاستاد.
وخلال المباراة التي جمعت الأهلي والدحيل على استاد المدينة التعليمية، كانت برفقة إكرامي زوجته إيمان، واحتفلا معاً بفوز الأهلي بهدف واحد دون رد. ووسط أجواء احتفالية على مدرجات الاستاد التي ضجت بالهتافات من كل جانب، أمضى الزوجان وقتاً ممتعاً وسط الجمهور الذي أبدى درجة كبيرة من الوعي بالتزامه بإجراءات التباعد الجسدي وغيرها من تدابير السلامة، تماشياً مع توجيهات وزارة الصحة العامة في قطر للوقاية من فيروس كوفيد- 19.
وحول الدور الفاعل لزوجته يضيف إكرامي: “على الرغم من أن إيمان ليست مشجعة متحسمة لرياضة كرة القدم، إلا أن طبيعة حياتنا اليومية وخصوصية العلاقة التي تجمعني بها كزوج كفيف، جعلتها تدرك جيداً كيف تصف لي أحداث المباراة بدقة تامة وبأسلوب تفاعلي، لتنقل لي صورة واضحة لمجريات المباراة وما يرافقها من أجواء حماسية، فهي تساعدني ببراعة على تصور مشهد متكامل للأحداث في مخيلتي.”
إكرامي الذي عبّر عن سعادته بوجوده في مدرجات الاستاد بين المشجعين، أكد أن حضور المباريات تجربة لا تُضاهى بالنسبة له ويفضلها على متابعة المباريات عبر التلفزيون، وأضاف: “تغمرني مشاعر السعادة بدءاً من اللحظة التي أغادر بها المنزل متجهاً إلى الاستاد، ويتصاعد الحماس أثناء وجودي بين المشجعين الذين أتابع ردود أفعالهم من أصوات وهتافات، سواء كانت مرحبة بقرار الحكم ومجريات المباراة أو معترضة عليها، فهي تساعدني على معرفة ما يدور بالتحديد على أرضية الملعب.”
ومع بقاء أقل من عامين على انطلاق منافسات بطولة كأس العالم FIFA قطر 2022™ للمرة الأولى في العالم العربي والشرق الأوسط؛ تواصل اللجنة العليا للمشاريع والإرث جهودها الرامية إلى تهيئة مرافق البطولة بحيث تلبي كافة احتياجات ذوي الإعاقة، وتوفر لهم تجربة استثنائية تضمن سهولة الوصول والحركة في جميع مرافق واستادات المونديال. وفي هذا الإطار، أطلقت اللجنة العليا منذ سنوات منتدى التمكين، الذي يضم أفراداً من ذوي الإعاقة وعدداً من الخبراء، لتقييم خططها وطرح آرائهم حول تحسين التجربة المقدمة لذوي الإعاقة في مرافق المونديال.
وفي هذا السياق، أكد خالد السويدي، مدير علاقات الشركاء في اللجنة العليا للمشاريع والإرث، حرص اللجنة العليا على استضافة النسخة الأفضل على الإطلاق في سهولة الوصول والحركة لذوي الإعاقة في تاريخ المونديال.
وأضاف: “وضعنا نصب أعيننا منذ بداية العمل على استضافة بطولة قطر 2022، الاهتمام بذوي الإعاقة سواء كانت حركية أو ذهنية أو إدراكية، وتسهيل وصولهم إلى مرافق الاستادات، والاستمتاع بحضور المباريات، فنحن نؤمن بحق الجميع في المشاركة في هذه الفعالية العالمية الكبرى للرياضة الأكثر شعبية في العالم، والتي سيتابعها الملايين في كافة أنحاء المعمورة.”
وتعاونت اللجنة العليا مع مركز قطر الاجتماعي والثقافي للمكفوفين لضمان المشاركة الفاعلة لذوي الإعاقة البصرية في الحدث الأبرز في العالم، والحرص على توفير التسهيلات اللازمة لإشراكهم في عمليات التحضير لاستضافة المونديال، وحضور منافسات البطولة.
ويهدف مركز قطر الاجتماعي والثقافي للمكفوفين، الذي يعمل به إكرامي أحمد، إلى تعزيز الصلة بين الأشخاص المكفوفين وضعاف البصر في قطر وبين المجتمع، ويرتبط عمل إكرامي في المركز بشكل وثيق مع رياضة كرة القدم، التي يراها جزءاً مهماً في النسيج المجتمعي في قطر.
واختتم المشجع العاشق للنادي الأهلي حديثه بالتأكيد على المشاعر الخاصة التي يكنّها لكرة القدم، والتي يراها رياضة رائعة يكمن تميزها في عنصر المفاجأة الذي كثيراً ما يشكل مصدر سعادة للجماهير، وأضاف: ينبع جمال كرة القدم من أنها خارج التوقعات، فقد تتغير نتيجة المباراة في لحظة. أعشق هذه الرياضة التي تجمع الملايين تحت مظلتها، وتعزز أواصر العلاقة بين المشجعين من جهة والأندية واللاعبين من جهة أخرى، وتنسج علاقات رائعة بين أفراد المجتمع من خلال التنافس بروح رياضية نزيهة. هكذا توحّدنا الساحرة المستديرة، وما أحوجنا إلى هذه الوحدة، خاصة في ظل التحديات الراهنة التي يواجهها عالمنا جراء الجائحة.”
إقرأ أيضاً